يروي رئيس الحكومة السورية الأسبق خالد العظم شهادته بحق الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود عند زيارته في مقر حكمه لأخذ مشورته في تأسيس جيش الإنقاذ لقتال العصابات الصهيونية في فلسطين.
يقول العظم: “دخلنا البهو الكبير فرأينا الملك جالسا على مقعد بزاوية الصدر اليسرى، وإلى جانبه منضدة فوقها آلة هاتف، تقدمنا إليه، فانتصب واقفا بقامته الطويلة، ورحب بقدومنا، وأجلسنا إلى جانبه، وقد جلب انتباهي أن الأمراء أبناء الملك لم يجلسوا بجانبه، بل بجانب الباب بعيدين، وكان الملك يجلس على كرسيه، وينظر إلى الجميع، يؤانسهم بالكلام، ويتحفهم بيده الكريمة (بالطعام).
ويضيف العظم” وبعدها يستمع إلى أخبار الساعة من ثلاثة موظفين يجلسون أمامه، أولهم لنقل أخبار القاهرة، والثاني لنقل أخبار لندن، والثالث لنقل أخبار برلين. وكان الملك يوقف القارئ بين الفترة والأخرى ليعلق على الخبر، ذاكرا ملابساته ونتائجه”.
مراحل التأسيس
بحسب الشهادات التاريخية فإن الملك عبد العزيز كان الزعيم العربي الوحيد الذي كرس كل قدرات المملكة الوليدة في دعم وتسليم المقاومة الفلسطينية قبل النكبة وإعلان قيام الكيان المحتل في 14 أيار 1948، حيث كان له دورا بارزا في معارك التحرير في كل من مصر والأردن وفلسطين، فضلا عن إرسال قوات سعودية بالآلاف لتدعيم جبهات القتال المشتعلة آنذاك.
كان الملك عبد العزيز بحسب شهادة “العظم” يستشيط غضبا من أخبار المجازر والاعتداءات التي ترتكبها العصابات الصهيونية بحق الفلسطينيين، حيث أنه دعا إلى نصرة قائد “جيش الإنقاذ” فوزي القاوقجي، الذي عرفه جيدا مذ جاء المملكة لاجئا سياسيا، وكلف بتدريب الجيش السعودي سنة 1928.
وكانت فكرة “جيش الإنقاذ” بالأساس هي فكرة الملك المؤسس، بالتشاور مع الرئيس السوري شكري القوتلي، وقد اختار فوزي القاوقجي لقيادته لما عرف عنه من شجاعة ورباطة جأش، إلا أن الملك أراد تسميته “جيش نصرة المسلمين” ولكن الملك فاروق قال له إن الجيش سيكون مؤلفا من متطوعين مسيحيين أيضا، واقترح اسم “جيش تحرير فلسطين”، وفي النهاية اعتمد اسم “جيش الإنقاذ” الذي كان الرئيس القوتلي قد اقترحه وتطوع لإقامة معسكراته في ريف دمشق.