وثيقة سرية الأمير فيصل… العلاقات الأمريكية السعودية بعد قرار التقسيم أصبحت رمادًا!

تتناول هذه الوثيقة التي أعدها الوزير في المملكة العربية السعودية (تشايلدز) بتاريخ 13 يناير 1948، مرحلة حاسمة في العلاقات الأمريكية-السعودية عقب قرار تقسيم فلسطين.
تشير الوثيقة إلى تردد الولايات المتحدة في الاستجابة لمبادرات الملك عبد العزيز لتطوير علاقات سياسية أوثق، مما دفعه للتفكير في العودة إلى الاعتماد على بريطانيا. يعبر الأمير فيصل بن عبد العزيز عن خيبة أمله الشديدة من السياسة الأمريكية، خصوصًا بعد تصويت الولايات المتحدة لصالح التقسيم، مما أثر سلبًا على آمال السعودية في إقامة شراكة سياسية مستقرة مع الولايات المتحدة. توضح الوثيقة أيضًا الفرق بين موقف الولايات المتحدة وبريطانيا تجاه قضايا الشرق الأوسط، وتأثير ذلك على سياسة السعودية الخارجية.
إليكم نص الوثيقة:
الوزير في المملكة العربية السعودية (تشايلدز) إلى وزير الخارجية
قد نكون على وشك، إن لم نكن قد تجاوزنا بالفعل، مرحلة حاسمة في علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية. حتى قرار تقسيم فلسطين، لم يكن لدينا صديق أوفى في العالم العربي من ابن سعود.
على الرغم من عدم إعطائي أي إشارة رسمية لمثل هذا التأثير، يُقترح أن الملك قد يتأثر بالتخلي عن آماله في إقامة علاقات سياسية وثيقة مع الولايات المتحدة والعودة إلى سياسته السابقة التي تعتمد بشكل خاص على علاقاته السياسية مع بريطانيا العظمى بناءً على تقرير فيصل الأخير له والتردد الذي أبدته الولايات المتحدة في إعطاء شكل إيجابي لمبادرته:
1. التسوية في الشرق الأوسط التي اقترحها الملك في يونيو (البرقية 252، 20 يونيو 1947).
2. رفع مفوضياتنا المتبادلة إلى مستوى السفارات (البرقية 474، 6 نوفمبر 1947).
3. إرسال بعثة عسكرية إلى الظهران (البرقية 568، 16 ديسمبر، وبرقيتي 581، 22 ديسمبر).
يبدو من المعقول الاستنتاج أن ترددنا بشأن النقاط 1 و 2 المذكورة أعلاه قد أقنعه بإثارة مسألة موقف حكومة الولايات المتحدة تجاه حكومة المملكة العربية السعودية (البرقيات 538، 4 ديسمبر و539، 4 ديسمبر 1947).
دعمنا لتقسيم فلسطين بلا شك زاد من شكوك الملك فيما إذا كان يمكنه أن يجد في الولايات المتحدة شريكًا سياسيًا مستقرًا بديلاً عن حليفه القديم، البريطانيين. ومع ذلك، ما قد زاد من شكوك الملك هو التباين بين رفض البريطانيين الانجرار إلى تسوية مفروضة على فلسطين والتقارير التي نقلها إليه فيصل، حيث وصف لي أمس “مندوبي أمريكا في الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنهم يتحدثون بلسان الصهاينة، أحد أطراف النزاع، والضغط الذي مارسته البعثة الأمريكية على الوفود الأجنبية الأخرى للتصويت لصالح التقسيم بعد تأكيدات قدمتها وزارة الخارجية لفيصل بعدم ممارسة مثل هذا الضغط”. قال فيصل إن الصراع في الجمعية العامة للأمم المتحدة كان بشكل أساسي بين الدول العربية من جهة والبعثة الأمريكية من جهة أخرى، بينما كانت الدول الأخرى متفرجين بدلاً من مشاركين نشطين.
أخبرني فيصل بشكل غير رسمي أمس أنه لو كان له تأثير حاسم في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، لكان قد قطع العلاقات مع الولايات المتحدة بعد ذلك. لقد عاد فيصل للتو من الرياض حيث لا شك أنه أظهر نفس خيبة الأمل المريرة بشأن آمال تطوير علاقات ثابتة مع الولايات المتحدة التي أظهرها لي أمس، قائلاً إن هذا كان هدفه الكبير منذ زيارته الأولى للولايات المتحدة، وأنه الآن يرى عمله وقد تحول إلى رماد.
كل ما سبق، بالإضافة إلى الاستعداد الذي قبلت به بريطانيا اقتراح المملكة العربية السعودية برفع المفوضيات إلى مستوى السفارات وموقفنا السلبي العام تجاه هذا وغيره من مقترحات المملكة العربية السعودية المحددة لعلاقات سياسية أوثق، يميل الملك إلى إعادة النظر في سياسته السابقة بالابتعاد عن البريطانيين وتأسيس سياسته الخارجية على تطوير علاقات سياسية أوثق مع الولايات المتحدة.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *