في عددها الصادر يوم الجمعة في 13 رجب 1367هـ الموافق 21 مايو 1948 مـ نشرت صحيفة “أم القرى” مقالاً بعنوان “الجيوش العربية المظفرة تحمي ذمار فلسطين – خطوة حاسمة في سبيل الحق” للكاتب السعودي الأستاذ حسن عبد الله القرشي ومما جاء في نصه:
لقد اتحدت كلمة العرب على إنقاذ فلسطين وشلّ النشاط الإرهابي والعدوان الصهيوني فيها فتمثل هذا الاتحاد في صور فذة مشرفة بعقد المؤتمرات في عواصم البلدان العربية ودراسة الخطط وتقرير القرارات العلنية والسرية فكان في كل بلد عربي نتشرف صدى عميق لما يدور في لجان الجامعة العربية ومؤتمراتها من تعليقات وأحاديث وتصريحات صارخة وهامة.
واتحدت قوى العرب أخيرا وتضافرت على إنقاذ فلسطين الشهيدة وافناء الصهيونيين فيها حين لم تنفع السياسة المرنة والمداولات السلمية وحين ارتفع صوت الباطل في أرجاء واروقة مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة مدويا مجلجلا يقترح الهدنة ويطلب التقسيم وينشد الوصاية والحماية على قطعة من بلاد العرب العتيدة هي منها كالقلب في الجسم ويحاول – خائبا – إن يقدمها لقمة سائغة و هدية سخية إلى شذاذ الآفاق ومشردي الأمم وطريدي الإنسانية، تحت ستار من التهديد والوعيد!
أجل لقد اتحدث قوى العرب واشتركت، وترجح عزمهم المصمم الفوار فشمروا عن سواعد الجد و اثلجوا صدر الإنسانية واصاخوا – الصاخة عملية – لاستغاثة أشقائهم وإخوانهم الذين حاق بهم غدر الصهيونية الاثيمة وأصبح ما كان املا وخيالا حقيقة واقعة مركزة وما إن دقت الساعة معلنة انتهاء الانتداب البريطاني ومؤذنه بجلاء كابوسه المخيف عنها حتى تدفقت جيوشهم المظفرة وقد سبقها فرق المتطوعين مجتازة حدود فلسطين وسرعان ما شق ابطال العرب البواسل سبيلهم إلى المستعمرات الصهيونية ومعسكراتهم فاحتلوها واذاقوا أعداء الله وأعداء أنفسهم والإنسانية وبال أمرهم وانزلوا بعد أفدح الخسائر وآلم النكبات والأضرار. فها هي ذي مدفعيتهم القوية تصل اليهود نيرانا لاهبة وهي هي ذي طائراتهم العديدة تقذف قراهم وعاصمتهم المزعومة ولا عاصم لهم من أمر الله بالحمم والقذائف الفتاكة فتدمر منشآتهم ومصانعهم وتخرب بيوتهم وحصونهم وها هي ذي طوابيرهم النظامية و جحافلهم تتلاقى في النقاط الهامة وتتمركز فيتدعم زحفها السريع الجبارة وستستمر في سبيلها حتى يعود الحق إلى نصابه ويرفرف العلم العربي الأغر على قلب كل قرية ومدينة يسيطر عليها الصهيونيين المغتصبون.
ولقد قال القائد البطل (فوزي باشا القاوقجي) أن معركة فلسطين ستنتهي حينما ترتكز النبود العربية في (تل ابيب) وإنه لقريب ان شاء الله هذا اليوم الذي ينهار في التل على رؤوس الصهيونيين ويسيطر عليه العرب البسلاء؟
ألا لن تقوم لليهود الأذلاء بإذن الله بعد اليوم قائمط فسنتصطلهم سيوق العرب المتعطشة وستصعهم صيحة الحق جاء بما كانوا يعملون.
أن فظائع اليهود وعدوانهم الغاشم المتكرر لن يمحى من ذاكرة كل رجل وامراة وشيخ وطفل في كل بلد عربي وفي كل قطر إسلامي وها تنسى حوادث ومذابح القدس والقسطل ودير ياسين وحيفا ويافا وغيرها .. وغيرها؟
ووحشية اليهود المتأصلة تقد انصع الأدلة على أنهم لا يراعون إلا ولا ذمة ولا يقيم وزنا لاية شريعة أو دستور في هذا العالم وهل ينسى سكان القدس أن جامعة اليهود العبرية وهي مؤسسة ثقافية ظلت مسرحا للارهاب والنضال والفتك بالأهالي العزل الآمنين في هدأة الليل وفي وضح النهار؟
فماذا يرجى إذن من طائفة مقهورة موتورة لا تراعي أي قانون عالمي في هذا الوجود وجل همها متركز في استباحة الحرمات وإهدار الحقوق وقتل من أواهم وانزلهم داره؟!
ولكن مهلا فقد انتهى عهد المذابح واجل الطغيان وجاء أوان الأخذ بالتأثر: لقد حان الحين لأن تدور الدائرة على البغاة الظالمين وتزول فكرة الوطن القومي وتثبيت دولة “اسرائيل” او هومة بتاتا من أذهان هؤلاء هؤلاء الأبالسة المنافقين الفجرة الجاحدين ولو اعترفت بـ (اسرائيل) كل اقطار الارض وكل شعوب العالم ممن تسيّرها الأغراض وتخب بها الأهواء في بيداء من الجشع والمطامع الخاسرة.
أيها المؤمنون المجاهدون
اسحقوا أعداء الله سحقا؛ وامحقوهم محقا ولا تهادنوا بعد الآن ولا تسالموهم فما هم أهل لرحمتكم ولا موطن لأفتكم ولا تراجعوا عن نضالكم النبيل حتى تستخلصوا حقكم كاملا وتردوا البلاد لأهلها موحدة غير مجزأة واعلما انه ان تقم للصهيونية بعد اليوم راية فلن تعيشوا في مواطنكم آمنين ويستحل الآثمة دياركم وحرماتكم ويستذلوا أبناءكم لا أمكنهم الله.
لقد ارخصتم نفوسكم لله وبعتموها في سبيله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به استبشروا بالجنة التي كنتم توعدون؛ إن كل قطرة من الدم الحر الطهور لهي العطر الفواح الذي سيضخ أجداث الشهداء وهو المداد الزاكي الذي سيسطر به المجد ويكتب به التاريخ في انصع صفحاته اروع قصة للجهاد العربي الفذ عن حمى العروبة المقدس فأعيدوا لنا عهد اسلافكم الكرام ابن ابي طالب وابن الوليد وابن الجراح عليهم رضوان الله رووا بنادقهم الظامئة من دماء أجلاف اليهود ومجرميها دعوا أموالهم ونساءهم لكم فيئاً ومغنمًا.
أيها المؤمنون المجاهدون!!
الجيوش العربية المظفرة تحمي ذمار فلسطين – خطوة حاسمة في سبيل الحق
