في عددها الصادرة الجمعة 22 ربيع الأول 1368 هـ ، الموافق 21 يناير 1949 أفاد المراسل الحربي الأستاذ شكيب الأموي عن وصول قوات سعودية جديدة إلى مصر، بقيادة قائد مصفحات مخضرم، لتعزيز جهود الدفاع والمقاومة في فلسطين. استقبال حار في مصر شهد تكريم القيادات العسكرية المشتركة، مع التأكيد على التضامن القوي بين الجيوش السعودية والمصرية في وجه التحديات الراهنة. يبرز النص بطولات قادة الجيش واستعدادهم لمواجهة العدوان بكل شجاعة وإقدام.
وصول القوى السعودية الجديدة إلى فلسطين
شجاعة قائد المصفحات السعودية
لمراسلنا الحربي الأستاذ شكيب الأموي:
وصلت إلى مصر القوات السعودية الجديدة بقيادة حضرة القائد منصور بك العساف، وكان في استقبالها وكيل القائد عبد الله بك نامي وعبد اللطيف أفندي جزار والرئيس أمين أفندي شاكر. وكان عن الحكومة المصرية حضرة القائمقام محمود بك توفيق طبوزاده مفتش بوليس (الميناء) وحضرة القائمقام محمد سلام بك مدير ميناء السويس، وحضرة الصاغ عباس دعيبسي أفندي قائد حرس الجمرك. وقد ردد المستقبِلون الهتافات وكذلك القوات بحياة الملكين الأخوين عبد العزيز آل سعود والفاروق. وحال استلام المهمات واللوازم والمؤن واصلت القوى السعودية سفرها إلى مواقعها في الميدان.
وقد كان القطار، كلما مر ببلدة أو وقف عندها، يتجمع حول القوى السعودية الأهلون ويهتفون مرحبين بالجند السعودي الباسل الذي سطر صفحة مجد رائعة في المعارك السابقة، والقادم الآن بروح ملؤها الشوق والتعطش لأن يعطي العدو النذل الذي لا يرعى العهد لا الذمة أعنف درس إذا عاد نكصه وخرقه. درسًا قاسيًا.
وكان أول ما تحدث به إخواني الضباط، الذين لم يكن حديثهم في الطائف لي إلا عن حلول هذا اليوم الذي يدعون فيه إلى فلسطين. كم كانوا يتمنون لو يتحقق رجاؤهم وإلحاحهم بأن يكونوا السباقين إلى حومة الوغى. وكان أول ما يتحدثون به لي أنهم ألسنة شكر ناطقة لله أن أنا لهم ما يبتغون. الحمد لله، كانوا يستحثون الزمن لحلول اللحظة التي يتمكنون بها من التوجه إلى الساحة. هؤلاء الذين يندفعون إلى الموت والخطر، يفر منهم الموت والخطر، وينتصرون ويرفعون رأس العروبة عاليًا، هؤلاء أحفاد خالد؛ هؤلاء أبناء عبد العزيز.
وقد قال أحد مشاهير الأبطال المغاوير: “الجبان يموت في اللحظة الواحدة مائة مرة، ولكن البطل الشجاع لا يلاقي المنون إلا حين تحين الساعة المكتوبة في لوح القدر.”
“تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد الحياة مثل أن أتقدما.”
حقًّا، لو اقتدت الجيوش العربية جميعها بهذا الموقف المشرف الذي عليه القوى المصرية والسعودية المتآلفة المقاومة المتفاهمة قلبًا وقالبًا، لَحُلت قضية فلسطين وانتهينا من القضاء على العدو قضاءً مبرمًا.
في المعارك الأخيرة، استدعى الموقف إنقاذ حوالي 14 سيارة عتاد ومؤن في التلال المشرفة على دير البلح، فاندفع حضرة الرئيس رشيد البلاع بمصفحاته ورشاشاته كالسهم لإنفاذ هذه العملية. وبين وابل من رصاص العدو ومدافعه التي كانت تتساقط كالمطر، تقدم رشيد واستمر في تقدمه حتى وصل إلى سيارات العتاد، وأخذ يشاغل العدو بمدافعه الرشاشة من كل جهة، حاميًا بذلك السائقين الذين تسللوا من المصفحات إلى هذه السيارات وساقوها بمأمن من كل خطر، وعادوا بها إلى قوانا السعودية والمصرية المشتركة.
وكان القائد العام فؤاد باشا صادق يرقب هذه الحركة باهتمام، فقدر قائد مصفحاتنا كل التقدير، وشكره وأهداه سيارة جيب بكس تقديرًا لبسالته وجرأته وإقدامه.
ليست هذه هي المرة الأولى التي أظهر فيها السيد رشيد مثل هذه البسالة، فله في كل معركة من المعارك السابقة مثل هذه البسالة والاشتراك الفعلي والأعمال التي تدل على البطولة وأكثر من ذلك. حيا الله الأبطال وأكثر من الشجعان الذين يسعون لرفع شعار الوطن وإنقاذه من براثن الصهيونية المجرمة.